التخطي إلى المحتوى

تسعى أنقرة، إلى إنشاء قاعدتين عسكريتين في ليبيا، الأولى جوية في الوطية بطرابلس، والأخرى بحرية في مصراتة، فما أهمية هاتين القاعدتين، جغرافيا واستراتيجيا، وما هدف أنقرة من وراء هذه الخطوة، وتداعيات هذا القرار على القارة الأفريقية وأوروبا؟

تواصل تركيا تدخلاتها في الشأن الليبي، فبعد الدعم العسكري لحكومة فايز السراج، والزجّ بأسلحة ومقاتلين مرتزقة في المعارك أمام الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، كشف مصدر تركي، الاثنين، عن مساعي بلاده لاستخدام قاعدتين عسكريتين في ليبيا.

وذكر المصدر في تصريح لوكالة “رويترز”، مشترطا عدم ذكر هويته، أن تركيا تبحث مع حكومة السراج إمكانية استخدام قاعدتي الوطية الجوية ومصراتة البحرية.

وقال المصدر: “استخدام تركيا لقاعدة الوطية على جدول الأعمال”، متحدثا عن أنه “من المحتمل أن تستخدم بلاده أيضا قاعدة مصراتة البحرية”

وتأتي أهمية القاعدتين ضمن تطلعات المشروع التركي التوسعي على الأراضي الليبية، حيث تعد قاعدة الوطيةالجوية ذات مكانة استراتيجية في مسار الصراع بالمنطقة الغربية، وهي تبعد عن الحدود التونسية 72 كيلومترا، وعن مطار طرابلس الدولي 75 كيلومترا.

ووفق مراقبين تسعى أنقرة إلى أن تنشر في الوطيةطائرات مسيرة ومنظومات دفاع جوي تركية، ويمكن للقوات المتواجدة فيها تنفيذ طلعات جوية منها على محاور الاشتباكات حيث توفر غطاء جويا للقوات المتواجدة على الأرض.

كذلك فإنه انطلاقا من القاعدة يمكن تنفيذ عمليات قتالية جوية ضد أهداف عسكرية بمحيط ليبيا وليس في طرابلس فقط.

وتمثل قاعدة مصراتة البحرية بالنسبة لحكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مصدر قوة في البحر الأبيض المتوسط، يساعد أنقرة على إنشاء قوة مهام بحرية قبالة السواحل الليبية.

كما ترى تركيا أيضا أن وجود السفن الحربية التركية في ميناء مصراتة ضروري للسيطرة على النفط الليبي، ومواصلة خطط التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط.

واعتبر الخبير في الشؤون التركية، خورشيد دلي، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” أن الإعلان التركي يمثل مرحلة جديدة في مسلسل التدخل في الملف الليبي، حيث ستستغل أنقرة قاعدة الوطية لإدارة عمليات الجيش التركي والمرتزقة والميليشيات التابعة له على الأراضي الليبية، في حين ستستفيد من قاعدة مصراتة بتهريب الأسلحة، هذا إلى جانب حماية عمليات التنقيب التي تقوم بها عن النفط والغاز في المتوسط.

من جانبه، أشار الكاتب والباحث السياسي عزالدين عقيل، إلى الأهمية الكبيرة للقاعدتين كونهما تمنحان من يسيطر عليهما عمقا كبيرا يكشف دول المغرب والمتوسط، مع إمكانية وصول الطائرات والأسلحة من الموقعين لمناطق حساسة وبالغة الأهمية في تلك البلدان .

وفي ظل الأطماع التي تثيرها عمليات التنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط، ستمثل قاعدة مصراتة في حال إنشائها، مصدر قوة لتركيا التي توصلت في نوفمبر الماضي إلى اتفاق مثير للجدل مع حكومة السراج، يتيح لها توسيع نطاق التنقيب عن الغاز بتلك المنطقة، رغم رفض اليونان وعدد من الدول المعنية بالحدود البحرية في تلك المنطقة.

ونفذت أنقرة حديثا عمليات تنقيب قرب جزيرة قبرص، مما أثار رفض الدول المجاورة، وهي قبرص واليونان ومصر، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي الذي هدد تركيا بعقوبات.

وبحسب الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهابالدولي، منير أديب، فإن تركيا تريد الاستفادة القصوى من الملف الليبي، واستغلال تدخلها في تحقيق مكاسب اقتصادية متمثلة بغاز ونفط المتوسط، حيث تشير تقديرات إلى احتواء شرق المتوسط لاحتياطي غاز يقدّر بـ1200 تريليون قدم مكعب.

وفي خطوة من شأنها زيادة التوتر في المنطقة، أعلنت تركيا في مايو عزمها الشروع في التنقيب عن النفط شرقي البحر المتوسط، في غضون ثلاثة أو أربعة أشهر.

وفي حديثه خلال مراسم بمناسبة بدء إبحار السفينة التركية فاتح للتنقيب عن النفط والغاز إلى البحر الأسود، قال وزير الطاقة التركي فاتح دونميز إن مؤسسة البترول التركية ستبدأ عمليات التنقيب في مناطق شرقي المتوسط.

وقال دونميز إن سفينة التنقيب التركية الجديدة “القانوني” ستذهب أيضا إلى البحر المتوسط في وقت لاحق هذا العام.

وإلى جانب البعد الاقتصادي للمخطط التركي الخاص بالقاعدتين الليبيتين، يرى مراقبون أن هيمنة تركيا عليهما سيساعدها على تحقيق حلمها التوسعي في القارة السمراء، والتي ترى فيها أنقرة منطقة بالغة الأهمية من حيث الفرص التي تزخر بها.

وحول الأطماع التركية التوسعية في أفريقيا، قال الكاتب والباحث السياسي عزالدين عقيل في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن أردوغان يريد التغلغل أكثر في القارة من خلال التنظيمات الإرهابية التي يدعمها وفي مقدمتها “الإخوان”، هذا إلى جانب عقد اتفاقيات لإقامة قواعد ببعض بلدان القارة.

ويتفق الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، مع عقيل، ويقول إن تركيا تسعى بكل ما أوتيت من قوة لإنشاء دولة متشددة بديلة لداعش التي كانت في العراق وسوريا، بحيث تتخذ من أفريقيا مقرا لها، وبأن اختيار أنقرة لهاتين القاعدتين سيمنحها السيطرة على الغرب الأفريقي بشكل جيد.

المصدر :اسكاي نيوز